شتان بين يومين جمعة الموت و أحد القيامة

08 مايو 2024

إنهما يومان كانا من جهة المشاعر البشرية علي طرفي نقيض يوم الجمعة ١٤ نيسان، ويوم الأحد ١٦ نيسان سنة ٣٤م كان يوم الجمعة كتيبا بالنسبة إلى كل تلاميذ وأتباع المسيح بل كان مفاجأة مذهلة ما كانوا يتوقعونها إطلاقا لمعلمهم العظيم المؤامرة التي تمت، وسبكت بسرعة عجيبة والشعب الذي يهتف بغير وعي اصلبه اصلبه» والتلميذ الذي خان من أجل ثلاثيف من الفضة، والإهانات المتلاحقة التي يتعرض لها السيد، من سب واستهزاء وتهكم ولطم وبصاق، مع الام الشوك والجلد ، ثم تسميره على الصليب !!
أحقا بهذه السرعة قد انتهى كل شيء؟! وصاحب المعجزات العظيم، المعلم الذي بهر الكل بتعليمه، أصبح في نظر الرسميين مضلا ، يصلبونه بين لصيف !!
والذين انتفعوا بحبه وإشفاقه ومعجزاته لم يعد لهم وجود على ساحة الواقع . وحتى تلاميذه تفرقوا وهربوا وتركوه وحده وانطبق عليهم قول الكتاب اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية (متى ٢٦: ٣١). وإذا ببطرس المتحمس أكثر من الكل ينكره أمام جارية، ويسب ويلعن ويحلف قائلا: إنه لا يعرف الرجل (متى ٧٤:٢٧) أما أعداء المسيح فقد ملكوا الموقف من كل ناحية استطاعوا أن يعقدوا مجمع السنهدريم ويأخذوا قرارًا ضده. واستطاعوا أن يهيجوا الشعب ويجعلوه يردد نفس كلامهم كما أمكنهم أيضًا أن يؤثروا على الوالي، فيصدر حكمه على المسيح، مع أنه لا يجد علة في ذلك البار (يوحنا ١٤:٢٣).وهكذا بد الشر منتصرا وضاغطا بكل قسوة وتحقق قول المسيح لهؤلاء القادة: «هذه ساعتكم وسلطان الظلام» (لوقا (٥٤:٢٢) وكل ما أراد الشر أن يفعله، قد فعله وأمكنه أن يحقق كل ما يريد وأن يتخلص من المسيح الذي كان محبوبا من الناس، تتبعه الآلاف، وتنبهر من تعليمه، ويضع يده على كل أحد فيشفيه (لوقا ٤: ٤٠) المسيح الذي أقام الموتى، ومنح البصر للعميان وأخرج الشياطين وحتى بعد أن قتلوه، استصدروا أمرًا من الوالي بختم القبر، ووضع حجر كبير على بابه، وضبطه بالحراس واطمأنوا تماما إلى أن المسيح قد انتهى! وانتهي بنهاية سيئة «وأحصي مع أئمة» (إشعياء ٥٣: ۱۲) وكل الذين تبعوه قد تشتتوا ..!
هكذا كان يوم الجمعة مؤلماً ، ساده الظلم، وانتشرت فيه الخيانة والقسوة وانتصر فيه الحسد والشر ووجد تلاميذ المسيح أنفسهم حياري ضائعين، بل بدا الانتساب إلى اسم المسيح شرا، وها هو المسيح في القبر ولا تزال القوة مسيطرة على الموقف كله. ويبدو أنه لا عودة إلى الأيام الحلوة مع المعلم الطيب أما الخلاص الذي تم علي الصليب فلم يشعر به أحد، وكل ما رآه الناس، هو أن المصلوب يبدو ضعيفًا عاجزا عن إنقاذ نفسه! لدرجة أنهم كانوا يتحدونه قائلين إن كنت ابن الله، فانزل عن الصليب، وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا قالوا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ: «خلص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها ! فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به متي ۲۷ ٤۰-٤٢) حتى أن أحد اللصين المعلقين معه، قال له: «إن كنت أنت هو المسيح فخلص نفسك وإيانا» (لوقا۳۹:۲۳) هكذا كان يوم الجمعة شماتة وظلمًا وتشتيتا، ولكن حدث أمر غير الدقة إلى العكس تماما إنه القيامة التي هزت الكيان اليهودي كله، قيادة وشعبا حدثت القيامة في فجر الأحد، على الرغم من وجود الحراس، والحجر الكبير والأختام، والحرص الكبير على ضبط القبر ووقف القبر الفارغ شاهدًا ماديا على القيامة. وكذلك وجود الأكفاف مرتبة فيه مع المنديل وحاول رؤساء اليهود بكافة الطرق أن يطمسوا حقيقة القيامة فلم يستطيعوا كان الواقع الملموس ذا تأثير أعمق من كل ادعاءاتهم وظهر المسيح حيا لتلاميذه ومنحهم هذا الظهور قوة غير عادية للشهادة لقيامته بكل مجاهرة وبلا خوف ظهر المسيح بعد قيامته المريم المجدلية (مرقس (١٦ : ٩)، ولسمعان بطرس (كورنثوس الأولى ۱۵: ٥) ، ولتلميذي عمواس (لوقا ١٢:٢٤ - ۳۱)، وللتلاميذ العشرة في غياب توما (لوقا ٢٤ : ٣٣-٤٣)، وظهر لهم مع توما وأراهم جروحه (يوحنا (٢٦:٢٠-٢٩)، كما أنه ظهر السبعة من تلاميذه عند بحر طبرية (يوحنا۲۱ :۱۷) ، وظهر ليعقوب ولأكثر من خمسمائة أخ (كورنثوس الأولى ٦:١٥ ، ٧) «أراهم نفسه حيا ببراهين كثيرة وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله» (أعمال ١: ٣) وكان معهم وقت صعوده إلى السماء حينما ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم» (أعمال ٩:١) كما ظهر أيضًا لشاول الطرسوسي في طريق دمشق، وتحدث إليه، و اختاره رسولا يحمل اسمه إلى الأمم (أعمال ٣:٩-١٥) كل هذا منح التلاميذ قوة عجيبة، وفي ذلك يقول الكتاب: «بقوة عجيبة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم» (أعمال ٣٣:٤).
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل